فصل: مسألة (342): يجوز صرف الزَّكاة إلى صنفٍ واحدٍ.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***


مسألة ‏(‏334‏)‏‏:‏ لا يجزئ في الفطرة أقلِّ- من صاعٍ‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يجزئ نصف صاع برٍّ‏.‏

لنا سبعة أحاديث‏:‏

1593- الحديث الأوَّل‏:‏ قال البخاريُّ‏:‏ ثنا عبد الله بن يوسف أنا مالك عن زيد بن أسلم عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح العامريِّ أنَّه سمع أبا سعيد الخدريَّ يقول‏:‏ كنَّا نخرج زكاة الفطر‏:‏ صاعًا من طعامٍ، أو صاعًا من شعيرٍ، أو صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من أقطٍ، أو صاعًا من زبيبٍ‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

وفي لفظٍ‏:‏ فلمَّا جاء معاوية، وجاءت السَّمراء، قال‏:‏ أرى مُدًّا من هذا يعدل مُدَّين‏.‏

1594- الحديث الثاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا يوسف بن يعقوب ابن إسحاق بن بهلول ثنا جدِّي ثنا أبي ثنا مبارك بن فضالة عن أيُّوب عن نافع عن ابن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرض على الذَّكر والأنثى، والحرِّ والعبد، صدقةَ رمضان‏:‏ صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من طعام‏.‏

1595- طريقٌ آخر‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا الحسين بن حمزة ثنا محمَّد ابن عبد الله بن سليمان ثنا زكريا بن يحيى بن صَبيح ثنا سعيد بن عبد الرَّحمن الجمحيُّ ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرض زكاة الفطر‏:‏ صاعًا من تمر، أو صاعًا من طعامٍ‏.‏

قال المؤلِّف‏:‏ أمَّا الطَّريق الأوَّل‏:‏ ففيه مبارك، كان أحمد بن حنبل يضعِّفه ولا يعبأ به، وضعَّفه يحيى والنَّسائيُّ‏.‏

وفي الثَّاني‏:‏ سعيد بن عبد الرَّحمن، قال ابن حِبَّان‏:‏ كان يروي ‏[‏عن‏]‏ الثِّقات موضوعات، كأَنَّه المتعمِّد لها‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث حسنٌ أو صحيحٌ‏.‏

ومبارك بن فضالة‏:‏ حسَّن أمره غير واحدٍ من الأئمة، قال عمرو بن عليٍّ‏:‏ سمعت عفَّان يقول‏:‏ كان مبارك ثقةً، وكان، وكان‏.‏

قال عمرو‏:‏ وسمعت يحيى بن سعيد القطََّان يحسن الثَّناء على مبارك بن فضالة‏.‏

وسُئل أبو زرعة عن مبارك بن فضالة، فقال‏:‏ يدلِّس كثيرًا، فإذا قال‏:‏ ‏(‏ثنا‏)‏ فهو ثقةٌ‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ عامَّة أحاديثه أرجو أن تكون مستقيمة‏.‏

وأمَّا سعيد بن عبد الرَّحمن الجمحيُّ‏:‏ فروى له مسلمٌ في ‏"‏ صحيحه ‏"‏، ووثَّقه من هو أعلم من ابن حِبَّان كيحيى بن معين، وقال أحمد‏:‏ ليس به بأسٌ‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ لا بأس به‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ له أحاديث غرائب حسان، وأرجو أنَّها مستقيمة، وإنَّما يهم عندي في الشيء بعد الشيء، فيرفع موقوفًا، ويصل مرسلاً، لا عن تعمُّدِ‏.‏

1595- وقد روى الحاكم حديث سعيد‏:‏ عن أبي بكر محمَّد بن أحمد ابن بالويه عن أحمد بن عليٍّ الخرَّاز عن إسماعيل بن إبراهيم التَّرجُمانيِّ عنه عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، وصحَّحه، ولفظه‏:‏ أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرض زكاة الفطر صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من برٍّ، على كلِّ حرٍّ أو عبدٍ، ذكرٍ أو أنثى، من المسلمن‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ كذا قاله سعيد بن عبد الرَّحمن الجمحيُّ، وذِكْرُ البرِّ فيه ليس بمحفوظٍ O‏.‏

1596- الحديث الثَّالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا الحسين بن إسماعيل ومحمَّد بن مخلد قالا‏:‏ ثنا أبو يوسف القُلُوسيُّ ثنا بكر بن الأسود ثنا عبَّاد بن العوَّام عن سفيان بن حسين عن الزُّهريِّ عن سعيد بن المسيَّب عن أبي هريرة أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حضَّ على صدقة رمضان، على كلِّ إنسان‏:‏ صاعٌ من تمرٍ، أو صاعٌ من شعيرٍ، أو صاعٌ من قمحٍ‏.‏

قال يحيى‏:‏ سفيان بن حسين لم يكن بالقويِّ‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ يروي عن الزُّهريِّ المقلوبات‏.‏

قلت‏:‏ وقد أخرج عنه مسلمٌ‏.‏

ز‏:‏ سفيان بن حسين‏:‏ الأكثر على تضعيفه في روايته عن الزُّهريِّ، قال النَّسائيُّ‏:‏ ليس به بأسٌ إلا في الزُّهريِّ‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ هو في غير الزُّهريِّ صالح الحديث، وفي الزُّهريِّ يروي أشياء خالف النَّاس‏.‏

وقد استشهد به البخاريُّ في ‏"‏ الصَحيح‏"‏، وروى له في ‏"‏ القراءة خلف الإمام ‏"‏ وفي ‏"‏ الأدب‏"‏، وروى له مسلمٌ في ‏"‏ مقدمة كتابه‏"‏‏.‏

وبكر بن الأسود‏:‏ تكلَّم فيه الدَّارَقُطْنِيُّ، وقال‏:‏ ليس بالقويِّ‏.‏

وقال ابن أبي حاتم‏:‏ سألت أبي عنه، فقال‏:‏ صدوقٌ‏.‏

وقد روى الحاكم هذا الحديث وصحَّحه من هذه الطَّريق، وفي كونه حسنًا نظر O‏.‏

1597- الحديث الرَّابع‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا الحسن بن إسماعيل ثنا أبو الأشعث ثنا الثَّقفيُّ ثنا هشام عن محمَّد بن سيرين عن ابن عبَّاس قال‏:‏ أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نعطي صدقة رمضان عن الصَّغير والكبير، والحرِّ والمملوك، صاعًا من طعام، من أدَّى برًّا قبل منه، ومن أدَّى شعيرًا قبل منه، ومن أدَّى زبيبًا قبل منه، ومن أدَّى سُلتا قبل منه‏.‏

ز‏:‏ هذا إسنادٌ جيدٌ، ورجاله ثقاثٌ مشهورون، ولكنَّه غير مخرَّجٍ في ‏"‏ السُّنن‏"‏، وفيه إرسالٌ‏.‏

وقد قال أبو محمَّد بن أبي حاتم‏:‏ سألت أبي عن حديثٍ رواه نصر بن عليٍّ عن عبد الأعلى عن هشام عن محمَّد عن ابن عبَّاس قال‏:‏ أمرنا رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نؤدِّي زكاة رمضان، صاعًا من طعامٍ، عن الصَّغير والكبير، والحرِّ والمملوك، من أدَّى سُلتا قبل منه‏.‏

وأحسبه قال‏:‏ ومن أدَّى دقيقًا قبل منه، ومن أدَّى سويقًا قبل منه‏.‏

قال أبي‏:‏ هذا حديثٌ منكرٌ‏.‏

وقال الإمام أحمد وابن المدينيِّ وابن معين والبيهقيُّ‏:‏ محمَّد ابن سيرين لم يسمع من ابن عباس شيئًا‏.‏

وقد روى النَّسائيُّ حديث ابن سيرين عن ابن عبَّاس من قوله‏:‏ صاعًا من تمرٍ‏.‏

ورواه أبو داود والنَّسائيُّ من حديث الحسن عن عليٍّ قوله‏.‏

1598- وقال البيهقيُّ‏:‏ أنا أبو الحسن عليُّ بن أحمد بن عبدان أنا أحمد ابن عبيد الصَّفَّار ثنا إسماعيل بن إسحاق ثنا سليمان بن حربٍ ثنا حمَّاد بن زيدٍ عن أيُّوب قال‏:‏ سمعت أبا رجاء يقول‏:‏ سمعت ابن عبَّاس يخطب على المنبر، وهو يقول في صدقة الفطر‏:‏ صاعًا من طعامٍ‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ هذا هو الصَّحيح، موقوفٌ‏.‏

1599- وقد أخبرنا أبو نصر بن قتادة وأبو بكر محمَّد بن إبراهيم الفارسيُّ قالا‏:‏ أنا أبو عمرو بن مطر أنا محمَّد بن أيُّوب أنا عبد الله بن الجرَّاح ثنا حمَّاد بن زيد عن أيوب عن أبي رجاء العطارديِّ عن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أدُّوا صاعًا من طعامٍ- يعني في الفطر- ‏"‏ O‏.‏

1600- الحديث الخامس‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا ابن مخلد ثنا أحمد ابن إسحاق بن يوسف ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنينيُّ عن كثير بن عبد الله بن عمرِو بن عوفٍ عن أبيه عن جدِّه قال‏:‏ فرض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زكاة الفطر على كلِّ صغيرٍ وكبيرٍ، صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من طعام، أو صاعًا من زبيبٍ‏.‏

وقال يحيى‏:‏ ليس حديثه بشيءٍ‏.‏

وقال النَّسائيُّ والدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ متروك الحديث‏.‏

وقال الشَّافعيُّ‏:‏ هو ركنٌ من أركان الكذب‏.‏

وكان أحمد لا يرضى إسحاق الحنينيَّ‏.‏

ز‏:‏ هذا حديثٌ ضعيفٌ، وكثيرٌ مجمعٌ على ضعفه، ولم يُوَافَق التِّرمذيُّ على تصحيح حديثه في موضعٍ، وتحسينه في آخر‏.‏

وإسحاق بن إبراهيم الحنينيُّ، وثَّقه ابن حِبَّان، وكان مالكٌ يعظِّمه ويكرمه، وتكلَّم فيه البخاريُّ والنَّسائيُّ وابن عَدِيٍّ والأزديُّ، وأحمد الذي كان لا يرضاه هو أحمد بن صالح، لا أحمد بن حنبل، فلا ينبغي إطلاقه O‏.‏

1601- الحديث السَّادس‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا عليُّ بن محمَّد بن أحمد المصريُّ ثنا أحمد بن داود المكيُّ ثنا مسدَّد ثنا حمَّاد بن زيد عن النُّعمان بن راشد عن الزُّهريِّ عن ابن صُعَير عن أبيه قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أدُّوا صدقة الفطر، صاعًا من برٍّ أو قمحٍ، عن كل رأسٍ، صغيرٍ أو كبيرٍ‏"‏‏.‏

قال أحمد‏:‏ النُّعمان مضطرب الحديث، روى أحاديث مناكير‏.‏

وقال يحيى‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

ز‏:‏ قد تقدَّم هذا الحديث والكلام عليه بما فيه كفاية O‏.‏

1602- الحديث السَّابع‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا عبد العزيز بن جعفر الخوارزميُّ ثنا محمَّد بن مرزوق ثنا محمَّد بن بكر ثنا عمر بن محمَّد بن صُهبان قال‏:‏ أخبرني ابن شهابٍ الزُّهريِّ عن مالك بن أوس بن الحَدَثَان عن أبيه قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏!‏‏:‏ ‏"‏أخرجوا زكاة الفطر، صاعًا من طعامٍ‏"‏‏.‏

قال أحمد‏:‏ عمر بن صُهبان ليس بشيءٍ‏.‏

وقال يحيى‏:‏ لا يساوي فلسًا‏.‏

وقال الرَّازيُّ والنَّسائيُّ والدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ متروكٌ‏.‏

ز‏:‏ 1603- روى الحاكم في ‏"‏ المستدرك ‏"‏ من حديث ابن عُليَّة عن ابن إسحاق عن عبد الله بن عبد الله بن عَدِيٍّ بن حكيم بن حزام عن عياض بن عبد الله قال‏:‏ قال أبو سعيد الخدريُّ- وذكر عنده صدقة الفطر- فقال‏:‏ لا أخرج إلا ما كنت أخرجه في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من حنطة، أو صاعًا من شعيرٍ، أو صاعًا من أقط‏.‏

فقال له رجلٌ من القوم‏:‏ أو مُدَّين من قمحٍ‏.‏

فقال‏:‏ لا، تلك قيمة معاوية لا أقبلها، ولا أعمل بها‏.‏

كذا فيه، والصَّواب‏:‏ عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم بن حزام‏.‏

قال أبو داود- بعد أن روى الحديث عن القعنبيِّ عن داود بن قيس عن عياض-‏:‏ ورواه ابن عُليَّة وعبدة وغيرهما عن ابن إسحاق عن عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم بن حزام عن عياض عن أبي سعيد بمعناه، حدَّثنا مسدَّد عن إسماعيل، وليس فيه ذكر الحنطة‏.‏

وقال في ‏(‏صاع الحنطة‏)‏‏:‏ ليس بمحفوظٍ‏.‏

وقال الحاكم- بعد ذكر حديث أبي سعيد وغيره-‏:‏ فهذه أحاديث صحيحة في صاع البرِّ، وأشهرها حديث أبي معشر عن نافع عن ابن عمر، وتركته لأنَّه ليس من شرط الكتاب‏.‏

1604- وحدَّثنا أبو الفضل المزكِّي ثنا أحمد بن سلمة ثنا الحسن بن الصبَّاح ثنا أبو بكر بن عيَّاش عن أبي إسحاق عن الحارث عن عليٍّ عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّه قال في صدقة الفطر‏:‏ ‏"‏عن كلِّ صغيرٍ وكبيرٍ، حرٍّ أو عبدٍ، صاعٌ من برٍّ، أو صاعٌ من تمرٍ‏"‏‏.‏

الحارث لا يحتجُّ به، وقد رواه سلامة بن روح ثنا عُقيل بن خالد عن أبي إسحاق عن الحارث عن عليٍّ موقوفًا، ورواية عُقيل عن أبي إسحاق غريبةٌ جدًّا‏.‏

1605- وقال البيهقيُّ‏:‏ أنا أبو بكر بن الحارث أنا عليُّ بن عمر الحافظ ثنا أبو بكر النَّيسابوريُّ ثنا محمَّد بن عُزيز ‏(‏ح‏)‏ وأنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو الحسن محمَّد بن عبد الله العنزيُّ ثنا محمَّد بن إسحاق أنا محمَّد بن عُزيز الأبليُّ حدَّثني سلامة بن روح عن عُقيل بن خالد عن عتبة بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي إسحاق الهمدانيِّ عن الحارث أنَّه سمع عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه يأمر بزكاة الفطر، فيقول‏:‏ هي صاعٌ من تمرٍ، أو صاعٌ من شعيرٍ، أو صاعٌ من حنطةٍ، أو سُلتٍ، أو زبيبٍ‏.‏

هذا حديث أبي بكر، ولم يذكر أبو عبد الله في إسناده ‏(‏عتبة بن عبد الله‏)‏‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ وروي ذلك مرفوعًا، والموقوف أصحُّ‏.‏

1606- وقد روى الحاكم من رواية عبَّاد بن زكريا ثنا سليمان بن أرقم عن الزُّهريِّ عن قبيصة بن ذؤيب عن زيد بن ثابت‏:‏ خطبنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال‏:‏ ‏"‏من كان عنده طعامٌ فليتصدَّق بصاعٍ من برٍّ، أو صاعٍ من شعيرٍ، أو صاعٍ من تمرٍ، أو صاعٍ من دقيقٍ، أو صاعٍ من زبيبٍ، أو صاعٍ من سُلتٍ‏"‏‏.‏

سليمان بن أرقم أجمعوا على ضعفه O‏.‏

احتجُّوا بثمانية أحاديث‏:‏ 1607- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد بن حنبل‏:‏ حدَّثنا عتَّاب بن زياد ثنا عبد الله بن المبارك أنا ابن لهيعة عن محمَّد بن عبد الرَّحمن بن نوفل عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت‏:‏ كنَّا نؤدِّي زكاة الفطر على عهد رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدَّين من قمحٍ، بالمدِّ الَّذي تقتاتون به‏.‏

1608- الحديث الثَّاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن عبد الله بن غيلان ثنا الحسن بن الصَّبَّاح البزَّار ثنا أبو بكر بن عيَّاش عن أبي إسحاق عن الحارث عن عليٍّ عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال في صدقة الفطر‏:‏ ‏"‏نصف صاعٍ من برٍّ، أو صاعًا من تمرٍ‏"‏‏.‏

1609- الحديث الثَّالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا إبراهيم بن محمَّد بن يحيى ثنا مكيُّ بن عبدان ثنا أبو الأزهر ثنا محمَّد بن شُرَحْبيل الصَّنعانيُّ ثنا ابن جريج عن سليمان بن موسى عن نافع أنَّه أخبره عن ابن عمر أنَّه قال‏:‏ أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمرو بن حزم في زكاة الفطر‏:‏ نصف صاعٍ من حنطة، أو صاعًا من تمرٍ‏.‏

1610- طريقٌ آخر‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا أحمد بن محمَّد بن عليٍّ الدِّيباجيُّ ثنا أيُّوب بن سليمان الصُّغديُّ ثنا يزيد بن عبد ربِّه ثنا بقيَّة عن داود بن الزِّبرقان عن أيُّوب عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏صدقة الفطر‏:‏ صاعٌ من تمرٍ، أو صاعٌ من شعيرٍ، أو مُدَّان من حنطة‏"‏‏.‏

1611- طريقٌ آخر‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وثنا أحمد بن محمَّد بن سعدان ثنا شعيب بن أيُّوب ثنا حسين بن عليٍّ عن زائدة عن عبد العزيز بن أبي روَّاد عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ كان النَّاس يُخرجون صدقة الفطر على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ صاعٌ من شعيرٍ، أو صاعٌ من تمرٍ أو زبيبٍ، فلمَّا كان عمر، وكثرت الحنطة، جعل نصف صاع حنطة مكانًا من تلك الأشياء‏.‏

1612- الحديث الرَّابع‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا ابن مخلد ثنا أحمد ابن عبد الله الحدَّاد ثنا داود بن شبيب ثنا يحيى بن عبَّاد السَّعديُّ ثنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عبَّاس أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث صارخًا ببطن مكَّة، صاح‏:‏ إنَّ صدقة الفطر حقٌّ واجبٌ، مُدَّان من قمحٍ، أو صاعٌ من شعيرٍ أو تمرٍ‏.‏

1613- طريقٌ آخر‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وثنا محمَّد بن أحمد بن أبي الثَّلج قال‏:‏ حدَّثنى جدِّي ثنا محمَّد بن عمر الواقديُّ ثنا عبد الحميد بن عمران بن أبي أنس عن أبيه عن أبي سلمة بن عبد الرَّحمن عن ابن عبَّاس عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أََّنه أمر بزكاة الفطر، صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من شعيرٍ، أو مُدَّين من قمح‏.‏

1614- طريقٌ آخر‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا أبو ذرٍّ الواسطيُّ ثنا سعدان بن نصر ثنا هاشم بن القاسم ثنا سلام الطَّويل عن زيدٍ العَمِّيِّ عن عكرمة عن ابن عبَّاس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏صدقة الفطر عن كلِّ صغيرٍ وكبيرٍ، ذكرٍ وأنثى، نصف صاعٍ من برٍّ، أو صاعٌ من تمرٍ، أو صاعٌ من شعيرٍ‏"‏‏.‏

1615- طريقٌ آخر‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا عليُّ بن عبد الله بن مبشِّر ثنا أحمد بن سنان ثنا يزيد بن هارون أنا حميد الطَّويل عن الحسن قال‏:‏ خطب ابن عبَّاس النَّاس في آخر رمضان، فقال‏:‏ يا أهل البصرة، إنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرض صدقة رمضان، نصف صاعٍ من برٍّ، أو صاعًا من شعيرٍ، أو صاعًا من تمرٍ‏.‏

1616- الحديث الخامس‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا أحمد بن العبَّاس البغويُّ ثناعبَّاد بن الوليد ثنا عبَّاد بن زكريا الصُّريميُّ ثنا ابن أرقم عن الزُّهريِّ عن قبيصة بن ذؤيب عن زيد بن ثابت قال‏:‏ خطبنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ ‏"‏من كان عنده فليتصدَّق بنصف صاعٍ من برٍّ، أو صاعٍ من شعيرٍ، أو صاعٍ من تمرٍ، أو صاعٍ من دقيقٍ، أو صاعٍ من زبيب، أو صاعٍ من سُلت‏"‏‏.‏

1617- الحديث السَّادس‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول ثنا جدِّي ثنا سالم بن نوحٍ عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ النَّبيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث مناديًا ينادي في فجاج مكَّة‏:‏ ألا إنَّ زكاة الفطر واجبةٌ على كلِّ مسلمٍ، مُدَّان من قمحٍ، أو صاعًا ممَّا سواه من الطَّعام‏.‏

1618- طريقٌ آخر‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا أبو سهل بن زياد ثنا عبد الكريم بن الهيثم ثنا إبراهيم بن مهديٍّ ثنا المعتمر قال‏:‏ أنبأني عليُّ بن صالحٍ عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر صائحًا، فصاح‏:‏ إنَّ صدقة الفطر حقٌّ واجبٌ على كل مسلمٍ، مُدَّان من قمحٍ، أو صاعٌ من شعيرٍ أو تمرٍ‏.‏

1619- الحديث السَّابع‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا عثمان بن أحمد ثنا إبراهيم بن الهيثم ثنا إبراهيم بن مهديٍّ ثنا المعتمر قال‏:‏ أنبأني عليُّ بن صالح عن يحيى بن جُرْجَة عن الزُّهريِّ عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعير أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطب، فقال‏:‏ ‏"‏إنَّ صدقة الفطر مُدَّان من برٍّ عن كلِّ إنسانٍ، أو صاعٌ ممَّا سواه من الطََّعام‏"‏‏.‏

1620- الحديث الثَّامن‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا محمَّد بن أحمد بن عمرو بن عبد الخالق ثنا أحمد بن رشدين ثنا سعيد بن عُفير ثنا الفضل بن المختار قال‏:‏ حدَّثني عبيد الله بن موهب عن عصمة بن مالك عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صدقة الفطر‏:‏ ‏"‏مُدَّان من قمحٍ، أو صاعٌ من شعيرٍ أو تمرٍ أو زبيبٍ‏"‏‏.‏

والجواب‏:‏ ليس في هذه الأحاديث ما يثبت‏:‏ أمَّا حديث أسماء‏:‏ فيرويه ابن لهيعة، وقد قال السَّعديُّ‏:‏ لا ينبغي أن يحتجَّ بروايته‏.‏

وأمَّا حديث عليٍّ عليه السَّلام‏:‏ فراويه الحارث الأعور، قال الشَّعبيُّ وابن المدينيِّ‏:‏ الحارث كذَّابٌ‏.‏

وأمَّا حديث ابن عمر‏:‏ فقي طريقه الأوَّل سليمان بن موسى، قال ابن المدينيِّ‏:‏ سليمان مطعونٌ عليه‏.‏

وقال البخاريُّ‏:‏ عنده مناكير‏.‏

وفي طريقه الثَّاني‏:‏ داود بن الزِّبرقان، قال أحمد‏:‏ ليس حديثه بشيءٍ‏.‏

وقال يحيى‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال ابن المدينيِّ‏:‏ كتبت عنه شيئًا، ثُمَّ رميت به‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ ليس بثقةٍ‏.‏

وفي طريقه الثَّالث‏:‏ ابن أبي روَّاد، قال ابن حِبَّان‏:‏ كان يحدِّث على التَّوهُّم والحسبان، فسقط الاحتجاج به‏.‏

قال المؤلِّف‏:‏ قلت‏:‏ وقد ذكرنا في حديث أبي سعيد أنَّه إنَّما عَدَّل القيمة في الصَّاع معاوية، فأمَّا عمر فإنَّه كان أشدّ إتباعًا للأثر من أن يفعل ذلك‏.‏

وأمَّا حديث ابن عبَّاس‏:‏ ففي طريقه الأوَّل‏:‏ يحيى بن عبَّاد، قال العقيليُّ‏:‏ حديث يحيى بن عبَّاد يدلُّك على الكذب‏.‏

وفي طريقه الثَّاني‏:‏ الواقديُّ، قال أحمد‏:‏ هو كذَّابٌ‏.‏

وقال البخاريُّ والرَّازيُّ والنَّسائيُّ‏:‏ متروكٌ‏.‏

وفي طريقه الثَّالث‏:‏ سلام الطَّويل، ولم يسند هذه الطَّريق غير سلام، وهو متروكٌ، وقد ذكرنا القدح في سلام آنفًا‏.‏

وأمَّا الحديث الخامس‏:‏ فقال الدَّارَقُطْنيُ‏:‏ لم يروه بهذا الإسناد غير سليمان بن أرقم، وهو متروك الحديث‏.‏

وقال أحمد بن حنبل‏:‏ لا يروى عن سليمان الحديث‏.‏

وقال يحيى‏:‏ لا يساوي فلسًا‏.‏

وقال الفلاس‏:‏ ليس بثقةٍ‏.‏

وأمَّا الحديث السَّادس‏:‏ ففي طريقه الأوَّل‏:‏ سالم بن نوح، قال يحيى ابن معين‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وفي طريقه الثَّاني‏:‏ عليُّ بن صالح، وقد ضعَّفوه‏.‏

وأمَّا الحديث السَّابع‏:‏ ففيه عليُّ بن صالحٍ أيضًا‏.‏

وفيه إبراهيم بن مهديٍّ، قال أبو بكر الخطيب‏:‏ كان ضعيف الحديث‏.‏

وفيه إبراهيم بن الهيثم، قال ابن عَدِيٍّ‏:‏ حدَّث ببغداد، فكذَّبه النَّاس‏.‏

قال أحمد بن حنبل‏:‏ وهذا الحديث يرويه النُّعمان بن راشدٍ فيقول‏:‏ ‏(‏ثعلبة بن أبي صُعير عن أبيه‏)‏، وغيره لا يرفعه، ولا يقول‏:‏ ‏(‏عن أبيه‏)‏، وليس بمحفوظٍ، وعامَّة الحديث ليس قيه‏:‏ ‏(‏عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏)‏، هذا ولا يعطي قيمته‏.‏

وأمَّا الحديث الثَّامن‏:‏ ففيه الفضل بن المختار، قال أبو حاتم الرَّازيُّ‏:‏ يحدِّث بالأباطيل، وهو مجهولٌ‏.‏

وفيه أحمد بن رشدين، قال ابن عَدِيٍّ‏:‏ كذَّبوه، وأنكرت عليه أشياء‏.‏

بلى قد روي لهم حديثٌ مرسلٌ‏:‏ 1621- فأنبأنا أحمد بن الحسن بن البنا- وأنا عنه ابن ناصر- أنا محمَّد ابن عليِّ الدَّجَّاجيُّ أنا عبد الله بن محمَّد الأسديُّ أنا عليُّ بن الحسن بن العبد ثنا أبو داود السِّجستانيُّ ثنا قتيبة أنا الليث عن عُقيل عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيَّب قال‏:‏ فرض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زكاة الفطر، مُدَّبن من حنطة‏.‏

وهذا مع إرساله يحتمل أن يكون آخر الخبر‏:‏ ‏(‏فرض زكاة الفطر‏)‏، ثُمَّ يكون الباقي تفسيرًا من سعيد‏.‏

ز‏:‏ القول بإيجاب نصف صاعٍ من برٍّ قولٌ قويٌّ، وأدلَّته كثيرةٌ، منها ما ذكره المؤلِّف، وفي بعض كلامه وهمٌ، وفي بعضه نظرٌ‏:‏ فأمَّا حديث أسماء‏:‏ فهو من رواية إمام عن ابن لهيعة، وهو ابن المبارك، وحديث ابن لهيعة يصلح للمتابعة‏.‏

وأمَّا حديث عليٍّ‏:‏ فهو من رواية الحارث عنه، وقد روي ‏[‏عنه‏]‏ مرفوعًا وموقوفًا- وهو أشبه-، وقد اختلف في لفظه‏:‏ فقيل‏:‏ ‏(‏نصف صاعٍ من برٍّ‏)‏ كرواية الدَّارَقُطْنِيِّ؛ وقيل‏:‏ ‏(‏صاعٌ‏)‏ كرواية الحاكم‏.‏

وقد سئل عنه الحافظ أبو الحسن الدَّارَقُطْنِيُّ في كتاب ‏"‏ العلل ‏"‏ فقال‏:‏ يرويه أبو إسحاق، واختلف عنه‏:‏ فرواه أبو بكر بن عيَّاش عن أبي إسحاق عن الحارث عن عليٍّ، وقال فيه‏:‏ ‏(‏نصف صاعٍ من برٍّ/‏)‏‏.‏

واختلف عنه في رفعه‏:‏ فرفعه أبو بكر محمَّد بن عبد الله بن غيلان الخزَّاز عن الحسن بن الصَّبَّاح البزَّار عن أبي بكر بن عيَّاش، ووهم في رفعه؛ وغيره يرويه موقوفًا‏.‏

ورواه أبو عميس- واسمه عقبة بن عمد الله بن عتبة بن مسعود- عن أبي إسحاق عن الحارث عن عليٍّ، وقال فيه‏:‏ ‏(‏صاعًا من حنطة‏)‏، ووقفه أيضًا‏.‏

والصَّحيح موقوفٌ‏.‏

وأمَّا حديث ابن عمر من رواية سليمان بن موسى عن نافع، ومن رواية داود بن الزِّبرقان عن أيُّوب‏:‏ فمنكرٌ جدًّا‏.‏

وقد روى البيهقيُّ في ‏"‏ السُّنن الكبير ‏"‏ حديثًا في هذا من رواية نافع، فقال‏:‏

1622- أخبرنا أبو طاهر الفقيه أنا أبو بكر محمَّد بن الحسين القطَّان ثنا أبو الأزهر ثنا محمَّد بن شُرحبيل ثنا ابن جريج قال‏:‏ أخبرني أيُّوب بن موسى أنَّ نافعًا أخبره عن ابن عمر قال‏:‏ أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمرو بن حزم في زكاة الفطر‏:‏ ‏"‏نصف صاعٍ من حنطة، أو صاعٌ من تمرٍ‏"‏‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ وهذا لا يصحُّ، وكيف يكون ذلك صحيحًا ورواية الجماعة عن نافع عن ابن عمر أنَّ تعديل الصاع مدَّين من حنطة كان بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏؟‏‏!‏‏.‏

وأمَّا حديث ابن عمر من رواية عبد العزيز بن أبي روَّاد عن نافع‏:‏ فرواه أبو داود عن الهيثم بن خالد الجُهنيِّ عن حسين بن عليٍّ الجُعفيِّ، ورواه النَّسائيُّ عن موسى بن عبد الرَّحمن المسروقيِّ عن الحسين الجُعفيِّ‏.‏

1623- وروى الحاكم من رواية مكيِّ بن إبراهيم عن عبد العزيز بن أبي روَّاد عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ كانوا يخرجون صدقة الفطر على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صاعًا من شعيرٍ، أو صاعًا من تمرٍ، أو سُلت، أو زبيبٍ‏.‏

صحَّحه الحاكم، وقال‏:‏ وعبد العزيز بن أبي روَّاد ثقةٌ عابدٌ‏.‏

وقال صاحب ‏"‏ الإلمام ‏"‏ فيه‏:‏ وأبو عمر خالفه في التَّصحيح كما دلَّ عليه كلامه وقد تكلَّم في ابن أبي روَّاد‏:‏ ابن الجنيد وابن حِبَّان، ووثَّقه يحيى بن سعيد القطَّان ويحيى بن معين وأبو حاتم الرَّازيُّ وغيرهم، والموثِّقون له أعرف من المضعِّفين- والله أعلم-، وقد أخرج له البخاريُّ استشهادًا‏.‏

وأمَّا حديث ابن عبَّاس من رواية يحيى بن عبَّاد‏:‏ فرواه البيهقيُّ، قال‏:‏ 1624- أخبرنا محمَّد بن عبد الله الحافظ ثنا أبو العبَّاس محمَّد بن يعقوب ثنا محمَّد بن علي الورَّاق- ولقبه ‏"‏ حمدان ‏"‏- ثنا داود بن شبيب ثنا يحيى بن عبَّاد- وكان من خيار النَّاس- ثنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عبَّاس أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر صارخًا ببطن مكَّة ينادي‏:‏ ‏"‏إنَّ صدقة الفطر حقٌّ واجبٌ على كلِّ مسلمٍ، صغيرٍ أو كبيرٍ، ذكرٍ أو أنثى، حرٍّ أو مملوكٍ، حاضرٍ أو بادٍ، صاعٌ من شعيرٍ أو تمرٍ‏"‏‏.‏

ورواه محمَّد بن مخلد عن حمدان، فزاد فيه‏:‏ ‏(‏مدَّان من قمحٍ‏)‏، وقاله الكديميُّ أيضًا عن داود بن شبيب‏.‏

قال‏:‏ وهذا حديثٌ ينفرد به يحيى بن عبَّاد عن ابن جريج هكذا، وإنَّما رواه غيره عن ابن جريجٍ عن عطاء من قوله في المُدَّين، وعن ابن جريج عن عمرو بن شعيب مرفوعًا إلى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سائر ألفاظه‏:‏ 1625- أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أنا عليُّ بن عمر الحافظ ثنا محمَّد بن إسماعيل الفارسيِّ ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا عبد الوهَّاب بن عطاء أنا ابن جريج قال‏:‏ قال عمرو بن شعيب‏:‏ بلغني أنَّ النَّبيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر صارخًا يصرخ‏:‏ ‏"‏على كلِّ مسلمٍ‏.‏‏.‏‏.‏ قال‏:‏ فذكره‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وثنا ابن جريج قال‏:‏ قال عطاء‏:‏ مُدَّين من قمحٍ، أو صاعٌ من تمرٍ أو شعيرٍ، الحرُّ والعبد فيه سواء‏.‏

وكذلك رواه عبد الرَّزَّاق عن ابن جريج عن عمرو منقطعًا‏.‏

1626- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو الحسين أحمد بن عثمان الآدميُّ- ببغداد- ثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمَّد الرَّقاشيُّ ثنا مالك بن عبد الواحد ثنا المعتمر بن سليمان عن عليِّ بن صالح عن ابن جريح عن عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال‏:‏ قال رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏زكاة الفطر على الحاضر والبادي‏"‏‏.‏

ورواه إبراهيم بن مهديٍّ عن المعتمر

- وساق الحديث بطوله-، ورواه سالم بن نوح عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه مرفوعًا، إلا أنَّه لم يذكر ‏(‏الحاضر والبادي‏)‏‏.‏

قال أبو عيسى التِّرمذيُّ‏:‏ سألتُ محمَّدًا- يعني البخاريَّ- عن هذا الحديث، فقال‏:‏ ابن جريج لم يسمع عمرو بن شعيب‏.‏

انتهى ما ذكره البيهقيُّ‏.‏

وقد صحَّح حديث يحيى بن عبَّاد‏:‏ الحاكم في ‏"‏ مستدركه ‏"‏، وتكلَّم العقيليُّ في يحيى- كما تقدَّم-، وكذلك ضعَّفه الدَّارَقُطْنِيُّ الأزديُّ‏:‏ منكر الحديث جدًّا، عن ابن جريج‏.‏

وقد روى الدَّارَقُطْنِيُّ حديث يحيى من غير رواية حمدان- كما تقدَّم-، والله أعلم‏.‏

وأمَّا حديث ابن عبَّاس من رواية الحسن عنه‏:‏ فلم يتكلَّم عليه المؤلِّف، ورواته ثقاتٌ مشهورون، لكن فيه إرسال، فإنَّ الحسن لم يسمع من ابن عبَّاس فيما قيل، وقد جاء في ‏"‏ مسند أبي يعلى الموصليِّ ‏"‏ في حديثٍ أنَّه قال‏:‏ ‏(‏أخبرني ابن عبَّاس‏)‏ وهو- إن ثبت- يدلُّ على سماعه منه‏.‏

وقد روى حديث الحسن عن ابن عبَّاس في إخراج الصَّدقات‏:‏ أبو داود عن ابن مثنَّى عن سهل بن يوسف قال حميد‏:‏ أنا عن الحسن به، ورواه النَّسائيُّ عن عليٍّ بن حُجر عن يزيد بن هارون عن حميد بنحوه، ورواه عن ابن مثنَّى أيضًا، وقال‏:‏ الحسن أ يسمع من ابن عبَّاس‏.‏

وقال الحاكم‏:‏ أن الحسن بن محمَّد الإسفرائيني ثنا محمَّد بن أحمد بن البرَّاء قال‏:‏ سمعت عليَّ بن عبد الله المدينيِّ- وسئل عن حديث ابن عبَّاس عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في زكاة الفطر-، فقال‏:‏ حديثٌ بصريٌّ، وإسناده مرسلٌ‏.‏

قال‏:‏ وقال عليٌّ‏:‏ الحسن لم يسمع من ابن عبَّاس، وما رآه قطُّ، كان بالمدينة أيام كان ابن عبَّاس على البصرة‏.‏

قال‏:‏ وقال لي عليٌّ- في حديث الحسن‏:‏ خطبنا ابن عبَّاس بالبصرة-‏:‏ إنَّما هو كقول ثابت‏:‏ ‏(‏قدم علينا عمران بن حصين‏)‏، ومثل قول مجاهد ‏(‏خرج علينا عليٌّ‏)‏، وكقول الحسن‏:‏ ‏(‏إنَّ سراقة بن مالك بن جعشم حدَّثهم‏)‏، الحسن لم يسمع من ابن عبَّاس‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ حديث الحسن عن ابن عبَّاس مرسلٌ، وقد روينا عن أبي رجاء العطارديِّ سماعًا من ابن عبَّاس في هذه الخطبة في صدقة الفطر صاعٌ من طعامٍ‏.‏

وأمَّا الحديث الخامس الَّذي من رواية سليمان بن أرقم‏:‏ فإسناده ساقطٌ، ولفظه مختلفٌ‏:‏ ففي الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ‏(‏نصف صاعٍ‏)‏، وفي كتاب الحاكم‏:‏ ‏(‏صاعٌ‏)‏ كما تقدَّم ذكره‏.‏

وأمَّا الحديث السَّادس‏:‏ فقد تكلَّم عليه البيهقيُّ كما تقدَّم، ورواه التِّرمذيُّ عن عقبة بن مكرم عن سالم بن نوح عن ابن جريج عن عمرو، وقال‏:‏ حسنٌ غريبٌ‏.‏

وتضعيف المؤلِّف سالم بن نوح‏:‏ ليس بشيءٍ، فإنَّه صدوقٌ، روى له مسلمٌ في ‏"‏ صحيحه ‏"‏، وقال أبو زرعة‏:‏ لا بأس به، صدوقٌ، ثقةٌ‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ ليس بالقويِّ‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ فيه شيءٌ‏.‏

ووثَّقه أبو حاتم بن حِبَّان، وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ عنده غرائب وأفراد، وأحاديثه محتملة متقاربةٌ‏.‏

وكذلك قول المؤلِّف‏:‏ ‏(‏وفي طريقه الثَّاني‏:‏ عليُّ بن صالح، وقد ضعَّفوه‏)‏ خطأٌ منه، ولم يزد في كتاب ‏"‏ الضُّعفاء ‏"‏- في ترجمة عليٍّ- على هذا القول، ولم يذكر أحدًا ضعَّفه، ولا نعلم أحدًا ضعَّفه، لكنه غير مشهور الحال، ولا معروفٌ عند أبي حاتم الرَّازيِّ، وهو غير ابن حيّ، قال ابن أبي حاتم‏:‏ عليُّ بن صالح، روى عن ابن جريج، روى عنه معتمر بن سليمان، سألت أبي عنه، فقال‏:‏ لا أعرفه، مجهولٌ‏.‏

وذكر غير أبي حاتم أنَّه مكيٌّ معروفٌ، وأنَّه أحد العبَّاد، ‏[‏و‏]‏ كنيته أبو الحسن، وروى عن عمرو بن دينار وعبد الله بن عثمان بن خثيم ويحيى بن جُرْجَة والأوزاعيِّ وعبيد الله بن عمر وجماعة، وروى عنه سعيد بن سالم القدَّاح ومعتمر بن سليمان الرَّقِّىُّ والنُّعمان بن عبد السَّلام الأصبهانيُّ وسفيان الثَّوريُّ، وذكره ابن حِبَّان في كتَاب ‏"‏ الثِّقات ‏"‏ وقال‏:‏ يغرب‏.‏

وتوفي سنة إحدى وخمسن ومائة، وروى له التِّرمذيُّ في ‏"‏جامعه‏"‏‏.‏

وأمَّا كلام المؤلِّف في إبراهيم بن مهديٍّ في الحديث السَّابع، ونَقْلُه عن الخطيب تضعيفَه‏:‏ فخطأٌ منه، فإنَّ الخطيب إنَّما ضعَّف إبراهيم بن مهديٍّ بن عبد الرَّحمن بن سعيد بن جعفر الأبليَّ البصريَّ، يكنَّى أبا إسحاق، ومات سنة ثمانين ومائتين‏.‏

وأمَّا راوي الحديث عن معتمر بن سليمان فهو أقدم من هذا، وهو صدوقٌ، مات سنة خمسٍ وعشرين ومائتن، ويقال له‏:‏ المصيصيُّ، وهو بغداديُّ الأصل، سكن المصيصة، وذكر البخاريُّ أنَّه من الأبناء، ووثَّقه أبو حاتم وغيره‏.‏

وكذلك كلام المؤلِّف في إبراهيم بن الهيثم البلديِّ‏:‏ ليس بشيءٍ، فإنَّه صدوقٌ، وثَّقه الدَّارَقُطْنِيُّ وغيره، وأمَّا ابن عَدِيٍّ فإنَّه قال فيه‏:‏ حدَّث ببغداد بحديث الغار عن الهيثم بن جميل عن مبارك بن فضالة عن الحسن عن أنس عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكذَّبه فيه النَّاس وواجهوه، وأحاديثه مستقيمة سوى هذا الحديث الواحد الَّذي أنكروه عليه‏.‏

ويحيى بن جُرجَة الذي في الحديث السَّابع‏:‏ روى عنه ابن جريج وقزعة ابن سويد، قال أبو حاتم الرَّازيُّ‏:‏ هو شيخٌ‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ليس بقويٍّ‏.‏

/ وأمَّا حديث سعيد بن المسيِّب الَّذي رواه أبو داود‏:‏ فإسناده صحيحٌ كالشَّمس، لكنَّه مرسلٌ، ومرسل سعيد حجَّةٌ‏.‏

وحمل المؤلِّف آخر الحديث على أنَّه من تفسير سعيد خطأٌ، وقد روي عن سعيد من غير وجه ما يدلُّ على ذلك‏.‏

1627- قال سعيد بن منصور‏:‏ حدَّثنا هشيم عن عبد الخالق الشَّيبانيِّ قال‏:‏ سمعت سعيد بن المسيِّب يقول‏:‏ كانت الصَّدقة تدفع على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر نصفُ صاعِ برٍّ‏.‏

1628- وقال هشيم‏:‏ أخبرني سفيان بن حسين عن الزُّهريِّ عن سعيد ابن المسيَّب قال‏:‏ خطب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذكر صدقة الفطر، فحضَّ عليها، وقال‏:‏ ‏"‏نصف صاعٍ من برٍّ، أو صاعُ تمرٍ أو شعيرٍ، عن كلِّ حرٍّ وعبدٍ، ذكرٍ وأنثى‏"‏‏.‏

1629- وقال الطَّحاويُّ‏:‏ ثنا المزنيُّ ثنا الشَّافعيُّ عن يحيى بن حسَّان عن الليث بن سعدٍ عن عُقيل بن خالد وعبد الرَّحمن بن خالد بن مسافر عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيَّب أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرض زكاة الفطر، مُدَّين من حنطة‏.‏

قال الشَّافعيُّ‏:‏ حديث ‏(‏مُدَّين‏)‏ خطأٌ‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ هو كما قال، فالأخبار الثابتة تدلُّ على أنَّ التَّعديل بمدَّين كان بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وروينا في جواز نصف صاعٍ من برٍّ‏"‏ في صدقة الفطر عن أبي بكر الصِّدِّيق وعثمان بن عفَّان وعبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله وأبي هريرة، وفي إحدى الرِّوايتن عن عليٍّ وابن عبَّاس رضي الله عنهم‏.‏

قال ابن المنذر‏:‏ لا يثبت ذلك عن أبي بكر وعثمان‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ هو عن أبي بكر منقطع، وعن عثمان موصول، والله أعلم‏.‏

وقد وردت أخبار عن النَّبيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صاعٍ من برٍّ، ووردت أخبار في نصف صاعٍ، ولا يصحُّ شيءٌ من ذلك، وقد بيَّنت علَّة كلِّ واحدٍ منها في ‏"‏ الخلافيات ‏"‏؛ وروينا في حديث أبي سعيد الخدريِّ، وفي الحديث الثَّابت عن ابن عمر أنَّ تعديل مدَّين من برٍّ- وهو نصف صاعٍ- بصاعٍ من الشَّعير وقع بعد النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبالله التَّوفيق O‏.‏

مسألة ‏(‏335‏)‏‏:‏ يجوز إخراج الدَّقيق والسَّويق على أنَّه أصلٌ لا قيمة‏.‏

وقال مالك والشَّافعيُّ‏:‏ لا يجوز‏.‏

1630- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا عثمان بن أحمد الدَّقَّاق ثنا أحمد بن العبَّاس بن أشرس ثنا سعيد بن الأزهر ثنا ابن عيينة عن ابن عجلان عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لهم في صدقة الفطر‏:‏ ‏"‏صاعٌ من زبيب، صاعٌ من تمرٍ، صاعٌ من أقطٍ، صاعٌ من دقيقٍ‏"‏‏.‏

1631- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا إبراهيم بن حمَّاد ثنا العبَّاس بن يزيد ثنا سفيان بن عيينة ثنا ابن عجلان عن عياض بن عبد الله أنَّه سمع أبا سعيد الخدريَّ يقول‏:‏ ما أخرجنا على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا صاعًا من دقيقٍ، أو صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من سُلت، أو صاعًا من شعيرٍ، أو صاعًا من أقطٍ‏.‏

فقال له عليُّ بن المدينيِّ‏:‏ يا أبا محمَّد، أحدٌ لا يذكر في هذا ‏(‏الدَّقيق‏)‏‏؟‏ قال‏:‏ بلى، هوفيه‏.‏

ز‏:‏ هذا إسنادٌ حسنٌ، لكن ذكر الدَّقيق قد أنكر على سفيان‏.‏

1632- قال أبو داود‏:‏ حدَّثنا حامد بن يحيى ثنا سفيان، وحدَّثنا مسدَّد ثنا يحيى عن ابن عجلان سمع عياضًا قال‏:‏ سمعت أبا سعيد الخدريَّ يقول‏:‏ لا أخرج أبدًا إلا صاعًا، إنَّا كنَّا نخرج على عهد رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صاعَ تمرٍ، أو شعيرٍ، أو أقطٍ، أو زبيبٍ‏.‏

هذا حديث يحيى، زاد سفيان بن عيينة فيه‏:‏ ‏(‏أو صاعًا من دقيقٍ‏)‏، قال حامد‏:‏ فأنكروا عليه، فتركه سفيان‏.‏

قال أبو داود‏:‏ فهذه الزِّيادة وهمٌ من ابن عيينة‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ ورواه جماعة عن ابن عجلان، منهم‏:‏ حاتم بن إسماعيل- ومن ذلك الوجه أخرجه مسلمٌ في ‏"‏ الصَّحيح ‏"‏- ويحيى القطَّان وأبو خالد الأحمر وحمَّاد بن مسعدة وغيرهم، فلم يذكر أحدٌ منهم ‏(‏الدَّقيق‏)‏ غير سفيان، وقد أنكر عليه، فتركه‏.‏

وروي عن محمَّد بن سيربن عن ابن عبَّاس مرسلاً موقوفًا على طريق التَّوهُّم، وليس بثابتٍ، وروي من أوجهٍ ضعيفةٍ، لا تسوى ذكرها‏.‏

وقال النَّسائيُّ في ‏"‏ السُّنن الكبير ‏"‏‏:‏ أنا محمَّد بن منصور ثنا سفيان ثنا ابن عجلان قال‏:‏ سمعت عياض بن عبد الله يخبر عن أبي سعيد الخدريِّ قال‏:‏ لم نخرج على عهد رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من زبيبٍ، أو صاعًا من دقيقٍ، أو صاعًا من أقطٍ، أو صاعًا من سُلتٍ‏.‏

ثُمَّ شكَّ سفيان، فقال‏:‏ دقيقٍ أو سُلتٍ‏.‏

قال النَّسائيُّ‏:‏ لا أعلم أحدًا قال في هذا الحديث ‏(‏دقيق‏)‏ غير ابن عيينة O‏.‏

مسألة ‏(‏336‏)‏‏:‏ يجوز إخراج الأقط على أنَّه أصلٌ‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ بالقيمة‏.‏

وعن الشافعيِّ قولان‏.‏

لنا‏:‏ أنَّه منصوصٌ عليه فيما تقدَّم‏.‏

مسألة ‏(‏337‏)‏‏:‏ الصَّاع خمسة أرطال وثلث‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ ثمانية‏.‏

1633- ما روى البخاريُّ‏:‏ حدَّثنا أبو الوليد ثنا شعبة عن عبد الرَّحمن ابن الأصبهانيِّ عن عبد الله بن معقل قال‏:‏ جلست إلى كعب بن عجرة، فسألته عن الفدية، فقال‏:‏ نزلت فيَّ خاصة، وهي لكم عامَّة، حُملت إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وارقمل يتناثرعلى وجهي، فقال‏:‏ ‏"‏ما كنت أُرى الوجع بلغ بك ما أرى- أو ما كنت أُرى الجَهْدَ بلغ بك ما أَرى-‏؟‏‏!‏ أتجد شاة‏؟‏ ‏"‏ فقلت‏:‏ لا‏.‏

فقال‏:‏ ‏"‏صم ثلانة أيَّام، أو أطعم ستَّة مساكين، لكلِّ مسكين نصف صاعٍ‏"‏‏.‏

1634- قال البخاريُّ‏:‏ وحدَّثنا إسحاق ثنا روح ثنا شِبْل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال‏:‏ حدَّثني عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رآه والقمل يسقط على وجهه، فقال‏:‏ ‏"‏أتؤذيك هوامُّك‏؟‏ ‏"‏ قال‏:‏ نعم‏.‏

فأمره أن يحلق، فأنزل الله تعال الفدية، فأمره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يطعم فَرَقًا بين ستَّةٍ، أو يهدي شاةً، أو يصوم ثلاثة أيَّام‏.‏

الحديثان في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏نصف صاعٍ‏)‏ حجَّةٌ لنا‏.‏

قال ثعلب‏:‏ والفَرَقُ‏:‏ اثني عشر مُدًّا‏.‏

وقال ابن قتيبة‏:‏ الفَرَقُ‏:‏ ستة عشر رطلا؛ والصَّاع‏:‏ ثلث الفَرَق، خمسة أرطال وثلث؛ والمدُّ‏:‏ رطلٌ وثلث‏.‏

1635- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن مخلد ثنا أحمد بن بجيد الأشقر ثنا محمود بن موسى الطَّائيُّ ثنا إسماعيل بن سععيد الخراسانيُّ ثنا إسحاق بن سليمان الرَّازيُّ قال‏:‏ قلت لمالك بن أنس‏:‏ يا أبا عبد الله، كم قدر صاع النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏؟‏ قال‏:‏ خمسة أرطال وثلث بالعراقيِّ، أنا حزرته‏.‏

فقلت‏:‏ يا أبا عبد الله، خالفت شيخ القوم‏!‏ قال‏:‏ من هو‏؟‏ قلت‏:‏ أبو حنيفة، يقول‏:‏ ثمانية أرطال‏.‏

فغضب غضبًا شديدًا، ثُمَّ قال لبعض جلسائه‏:‏ يا فلان، هات صاع جدِّك؛ ويا فلان، هات صاع عمِّك؛ ويا فلان، هات صاع جدَّتك‏.‏

قال إسحاق‏:‏ فاجتمعت آصع، فقال مالك‏:‏ ما تحفظون في هذا‏؟‏ فقال هذا‏:‏ حدَّثني أبي عن أبيه أنَّه كان يؤدِّي بهذا الصَّاع إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وقال الآخر‏:‏ حدَّثني أبي عن أخيه أنَّه كان يؤدِّى بهذا الصَّاع إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وقال الآخر‏:‏ حدَّثني أبي عن أمِّه أنَّها أدَّت بهذا الصَّاع إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

فقال مالك‏:‏ أنا حزرت هذا فوجدتها خمسة أرطال وثلث‏.‏

قلت‏:‏ يا أبا عبد الله، أُحدِّثك بأعجب من هذا عنه‏؟‏‏!‏ إنَّه يدَّعي أن صدقة الفطر نصف صاعٍ، والصَّاع ثمانية أرطال‏!‏ فقال‏:‏ هذه أعجب من الأولى‏!‏ لا، بل صاعٌ تامٌ عن كلِّ إنسان، هكذا أدركنا علماءنا ببلدنا هذا‏.‏

ز‏:‏ هذا إسنادٌ مظلمٌ، وبعض رجاله غير مشهور‏.‏

1636- والمشهور ما رواه البيهقيُّ من حديث الحسين بن الوليد القرشيِّ- وهو ثقةٌ مأمون- قال‏:‏ قدم علينا أبو يوسف من الحجِّ، فقال‏:‏ إنِّي أريد أن أفتح عليكم بابًا من العلم أهمِّني، ففحصت عنه، فقدمت المدينة، فسألت عن الصَّاع، فقالوا‏:‏ صاعنا هذا صاع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

قلت لهم‏:‏ ما حجَّتكم في ذلك‏؟‏ فقالوا‏:‏ نأتيك بالحجَّة غدًا‏.‏

فلمَّا أصبحت أتاني نحو من خمسين شيخًا من أبناء المهاجربن والأنصار، مع كلِّ رجلٍ منهم الصَّاع تحت ردائه‏!‏ كلُّ رجل منهم يخبر عن أبيه وأهل بيته أنَّ هذا صاع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنظرت، فإذا هي سواء‏.‏

قال‏:‏ فعيَّرته، فإذا هو خمسة أرطال وثلث بنقصان معه يسير، فرأيت أمرًا قويًّا‏!‏ فقد تركت قول أبي حنيفة في الصَّاع، وأخذت بقول أهل المدينة‏.‏

هذا هو المشهور، من قول أبي يوسف رحمه الله، وقد روي أنَّ مالكًا ناظره في ذلك، واستدلَّ عليه بالصِّيعان الَّتي جاء به أولئك الرَّهط، فرجع أبو يوسف إلى قوله‏.‏

وقال عثمان بن سعيد الدَّارميُّ‏:‏ سمعت عليَّ بن المدينيِّ يقول‏:‏ عيَّرت صاع النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فوجدته خمسة أرطال وثلث رطلٍ بالتَّمر O‏.‏

احتجُّوا بحديثين‏:‏ 1637- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا أحمد بن محمَّد بن زياد القطَّان وعليُّ بن الحسين السَّوَّاق قالا‏:‏ ثنا محمَّد بن غالب ثنا أبو عاصم موسى بن نصر الحنفيُّ ثنا عبدة بن سليمان عن إسماعيل بن أبي خالد عن جرير ابن يزيد عن أنس بن مالك أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتوضَّأ برطلين، ويغتسل بالصَّاع، ثمانية أرطال‏.‏

1638- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا محمَّد بن أحمد النَّقَّاش ثنا أحمد بن محمَّد بن الحجَّاج بن رشدين ثنا يحيى بن سليمان الجعفيُّ ثنا صالح بن موسى الطََّلحيُّ ثنا منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت‏:‏ جرت السُّنَّة من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الغسل من الجنابة صاعٌ، والوضوء رطلين، والصَّاع ثمانية أرطال‏.‏

قال المؤلِّف‏:‏ هذان حديثان لا يصحَّان‏:‏ أمَّا االأوَّل‏:‏ ففيه جرير بن يزيد، قال أبو زرعة‏:‏ منكر الحديث‏.‏

وأمَّا الثَّاني‏:‏ فقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ لم يروه عن منصور غير صالح الطَّلحيِّ، وهو ضعيف الحديث‏.‏

قلت‏:‏ قال يحيى بن معين‏:‏ صالح الطَّلحيُّ ليس حديثه بشيءٍ‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ متروك الحديث‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ يروي عن الثِّقات ما لا يشبه حديث الأثبات‏.‏

قال المؤلِّف‏:‏ وقد قال أصحابنا‏:‏ صاع الوضوء غير صاع الزَّكاة‏.‏

قال ابن قتيبة‏:‏ لمَّا سمع العراقيون أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يغتسل بالصَّاع، وسمعوا في حديثٍ آخر أنَّه كان يغتسل بثمانية أرطال، توهَّموا أنَّ الصَّاع ثمانية، ولا اختلاف بين أهل الحجاز أنَّ الصَّاع خمسة أرطال وثلث‏.‏

ز‏:‏ الحمل في حديث أنس على موسى بن نصر، فإنَّه غير ثقةٍ‏.‏

قاله الخطيب، وقال أبو سعد الإدريسيُّ‏:‏ حدَّث عن الثَّوريِّ ومالك وغيرهما بالطَّامات‏.‏

وضعَّفه الدَّارَقُطْنِيُّ، ولم يتكلَّم في إسناد الحديث إلا فيه، كما سيأتي كلامه‏.‏

وقد ذهب غير واحدٍ من أصحابنا إلى أنَّ صاع الماء ثمانية أرطال، كالقاضي أبي يعلى، قال صاحب ‏"‏ المحرَّر ‏"‏‏:‏ وهو الأقوى، وقد أومئ إليه أحمد‏.‏

واحتجُّوا على ذلك‏:‏ 1639- بما روى أحمد‏:‏ ثنا وكيع ثنا شريك عن عبد الله بن عيسى عن ابن جَبْر بن عتيك عن أنس عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏يجزئ في الوضوء رطلان من ماء‏"‏‏.‏

1640- وحدَّثنا أسود بن عامر شاذان ثنا شريك عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن جَبْر عن أنس قال‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضَّأ بإناءٍ يكون رطلن، ويغتسل بالصَّاع‏.‏

ورواه أبو داود عن محمَّد بن الصَّبَّاح عن شَريك عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن جَبْر، وقال‏:‏ رواه يحيى بن آدم عن شَريك قال‏:‏ ابن جَبْر بن عتيك، ورواه شعبة ثنا عبد الله بن عبد الله بن جَبْر، ورواه سفيان عن عبد الله ابن عيسى قال‏:‏ أخبرني جَبْر بن عبد الله‏.‏

1641- ورواه التِّرمذيُّ عن هنَّاد عن وكيع عن شَريك عن عبد الله بن عيسى عن ابن جَبْر عن أنس أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏يجزئ في الوضوء رطلان من ماء‏"‏‏.‏

ولم يسمِّ ابن جَبْر، وقال‏:‏ غريبٌ لا نعرفه إلا من حديث شَريك بهذا اللفظ‏.‏

1642- ورواه النَّسائيُّ عن عمرو بن عليٍّ عن يحيى عن شعبة حدَّثني عبد الله بن عبد الله بن جَبْر قال‏:‏ سمعت أنسًا قال‏:‏ كان النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضَّأ بمكُّوك، ويغتسل بخَمْس مكاكي‏.‏

وعن سويد بن نصر عن عبد الله بن المبارك عن شعبة به‏.‏

قال أصحابنا‏:‏ وهذا الحديث يفسِّر روايته المتَّفق على صحتها‏:‏ أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتوضَّأ بالمدِّ، ويغتسل بالصَّاع إلى خمسة أمداد‏.‏

1643- وعن موسى الجهنيِّ‏"‏ قال‏:‏ أُتي مجاهد بقدحٍ حزرته ثمانية أرطال، فقال‏:‏ حدَّثتني عائثة أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يغتسل بمثل هذا‏.‏

رواه النَّسائيُّ عن محمَّد بن عبيد عن يحيى بن زكريا عن موسى، وهذا إسنادٌ صحيحٌ، وموسى بن عبد الله الجهنيُّ وثَّقوه‏.‏

وقد سئل الدَّارَقُطْنِيُّ في ‏"‏ العلل ‏"‏ عن حديث أنس المتقدِّم، فقال‏:‏ يرويه عيد الله بن عيسى بن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى، واختلف عنه‏:‏ فرواه عمَّار بن رزيق عن عبد الله بن عيسى، فقال‏:‏ ‏(‏عن ابن جبر بن عبد الله بن عتيك عن أنس‏)‏، وإنَّما أراد‏:‏ ‏(‏عبد الله بن عبد الله بن عتيك عن أنس‏)‏، وهو عبد الله بن عبد الله بن جبر‏.‏

ورواه أبو خالد الدَّالانيُّ عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن فلان الأنصاريِّ عن أنس، وأصاب‏.‏

ورواه شريك عن عبد الله بن عيسى، فقال‏:‏ عن عبد الله بن جير عن أنس بن مالك، فأصاب في هذا الإسناد، ووهم في متنه، فقال‏:‏ عن النَّبيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال‏:‏ ‏"‏يكفي في الوضوء رطلان من ماءٍ‏"‏‏.‏

وإنَّما ذكره شريك على المعنى، عنده أنَّ الصَّاع ثمانية أرطال‏.‏

والقول قول أبي خالد وعمَّار بن رزيق أنَّ النَّبيَّ- كان‏:‏ ‏"‏يكفي أحدكم من الوَضوء مدٌّ‏"‏‏.‏

وروى هذا الحديث شيخٌ يعرف بـ‏:‏ موسى بن نصر الحنفيِّ- ولم يكن بالحافظ، ولا القويِّ- رواه عن عبدة بن سليمان عن ابن أبي خالد عن جرير بن يزيد عن أنس، وتابع شريكًا على قوله‏:‏ ‏(‏أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتوضَّأ برطلين‏)‏، وهذا غير محفوظ‏:‏ المتن والإسناد جميعًا، وموسى بن نصر هذا ضعيفٌ، ليس بقويٍّ O‏.‏

مسألة ‏(‏338‏)‏‏:‏ إذا امتنع ربُّ المال من أداء الزَّكاة أخذت من ماله‏.‏

وقأل أبو حنيفة‏:‏ يجبر على الدَّفع‏.‏

1644- قال الإمام أحمد بن حنبل‏:‏ ثنا يحيى بن سعيدٍ ثنا بهز قال‏:‏ حدَّثني أبي عن جدِّي قال‏:‏ سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏في كلِّ إبل سائمة، في كلّ أربعين ابنة لبون، من أعطاها مؤتجرًا فله أجرها، ومن منعها فإنَّا آخذوها وشطر إبله عزمةٌ من عزمات ربِّنا، لا يحلُّ لآل محمَّدٍ منها شيءٌ‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا حديث حسنٌ بل صحيحٌ، وقد رواه أبو داود عن موسى بن إسماعيل عن حمَّاد، وعن محمَّد بن العلاء عن أبي أسامة، جميعًا عن بهز بن حكيم‏.‏

ورواه النَّسائيُّ عن عمرو بن عليٍّ عن يحيى، وعن محمَّد بن عبد الأعلى عن معتمر، جميعًا عن بهز‏.‏

وذكر صاحب ‏"‏ الإلمام ‏"‏ فيه أنَّ التِّرمذيَّ رواه، وهو خطأٌ‏.‏

وقد رواه الحاكم في ‏"‏ مستدركه‏"‏، وقال‏:‏ هذا حديثٌ صحيح الإسناد- على ما قدَّمنا ذكره في تصحيح هذه الصَّحيفة- ولم يخرجاه‏.‏

وقد ذكر هذا الحديث الإمام أحمد بن حنبل فقال‏:‏ ما أدري ما وجهه‏؟‏‏!‏ وسُئل عن إسناده، فقال‏:‏ هو عندي صالح الإسناد‏.‏

وقال الشَّافعيُّ‏:‏ هذا لا يثبته أهل العلم بالحديث، ولو ثبت قلت به‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ هذا حديثٌ قد أخرجه أبو داود في كتاب ‏"‏ السُّنن‏"‏، فأمَّا البخاريُّ ومسلم فإنَّهما لم يخرجاه جريًا على عادتهما في أنَّ الصَّحابيَّ أو التَّابع إذا لم يكن له إلا راوٍ واحدٍ لم يخرجا حديثه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏، ومعاوية بن حيدة القشيريُّ لم تثبت عندهما رواية ثقةٍ عنه غير ابنه، فلم يخرجا حديثه في ‏"‏ الصَّحيح‏"‏، والله أعلم‏.‏

وقال أبو حاتم بن حبَّان في بهز بن حكيم‏:‏ كان يخطىء كثيرًا، فأمّا أحمد ابن حنبل وإسحاق بن إبراهيم- رحمهما الله- فهما يحتجَّان به، ويرويان عنه، وتركه جماعةٌ من أئمتنا، ولولا حديث‏:‏ ‏"‏إنَّا آخذوه وشطر إبله عزمةٌ من عزمات ربِّنا ‏"‏ لأدخلناه في الثِّقات، وهو ممَّن استخير الله فيه‏.‏

كذا قال ابن حِبَّان، وفي قوله نظرٌ، وقد وَثَّق بهزًا أكثر العلماء، كيحيى ابن معين وابن المدينيِّ والتِّرمذيِّ والنَّسائيِّ وأبي داود وابن الجارود وغيرهم O‏.‏

مسألة ‏(‏339‏)‏‏:‏ إذا امتنع من أداء الزَّكاة مع اعتقاد وجوبها، استتيب ثلاثًا، فإن تاب وإلا قتل‏.‏

وقال أكثرهم‏:‏ لا يقتل‏.‏

1645- قال البخاريَّ‏:‏ حدَّثنا عبد الله بن ‏[‏محمَّد‏]‏ المُسْنديُّ ثنا الحرميُّ بن عمارة ثنا شعبة عن واقد بن محمَّد قال‏:‏ سمعت أبي يحدِّث عن ابن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمَّدًا رسول الله، ويقيموا الصَّلاة، ويؤتوا الزَّكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا منِّي دماعمم وأموالهم، إلا بحقِّ الإسلام، وحسابهم على الله‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

مسألة ‏(‏340‏)‏‏:‏ يجوز تعجيل الزَّكاة قبل الحول‏.‏

وقال مالك وداود‏:‏ لا يجوز‏.‏

1646- قال الإمام أحمد بن حنبل‏:‏ حدَّثنا سعيد بن منصور ثنا إسماعيل بن زكريا عن حجَّاج بن دينار عن الحكم عن حُجيَّة بن عَدِيٍّ عن عليٍّ‏:‏ أنَّ العبَّاس بن عبد المطَّلب سأل النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تعجيل صدقته قبل أن تحلَّ، فرخَّص له في ذلك‏.‏

1647- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا محمَّد بن مخلد ثنا عبَّاس بن محمَّد ثنا إسحاق بن منصور السَّلوليُّ ثنا إسرائيل عن حجَّاج بن دينار عن الحكم ‏[‏عن‏]‏ حُجر العدويِّ عن عليٍّ قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر‏:‏ ‏"‏إنَّا قد أخذنا من العبَّاس زكاة العامِ عامَ أوَّل‏"‏‏.‏

قال المؤلِّف‏:‏ هذا الحديث أقوى من الأوَّل، لأنَّه في الحديث الأوَّل حُجَيَّة، قال أبو حاتم الرَّازيُّ‏:‏ لا يحتجُّ بحديثه، هو شبه المجهول‏.‏

زْ‏:‏ الحَكَم في الإسناد الأوَّل هو‏:‏ ابن عتيبة؛ وفي الثَّاني‏:‏ ابن جَحْل‏.‏

1648- قال التِّرمذيُّ‏:‏ حدَّثنا عبد الله بن عبد الرَّحمن أنا سعيد بن منصور ثنا إسماعيل بن زكريَّا عن الحجَّاج بن دينار عن الحكم بن عتيبة عن حُجَيَّة بن عَدِيٍّ عن عليٍّ‏:‏ أنَّ العبَّاس سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تعجيل صدقته قبل أن تحلَّ، فرخَّص له في ذلك‏.‏

1649- حدَّثنا القاسم بن دينار الكوفيُّ ثنا إسحاق بن منصور عن إسرائيل عن الحجَّاج بن دينار عن الحكم بن جَحْل عن حُجْر العدويِّ عن عليٍّ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعمر‏:‏ ‏"‏إنَّا قد أخذنا زكما‏"‏ العبَّاس عام الأوَّل للعام‏"‏‏.‏

قال التِّرمذيُّ‏:‏ وفي الباب عن ابن عبَّاس‏.‏

ولا أعرف حديث تعجيل الزَّكاة من حديث إسرائيل عن الحجَّاج بن دينار إلا من هذا الوجه‏.‏

وحديث إسماعيل بن زكريَّا عن الحجَّاج عندي أصحُّ من حديث إسرائيل عن الحجَّاج بن دينار‏.‏

وقد روي هذا الحديث عن الحكم بن عتيبة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً‏.‏

وقد روى حديث حُجَيَّة‏:‏ أبو داود عن سعيد بن منصور، وقال‏:‏ رواه هُشيم عن منصور بن زاذان عن الحكم عن الحسن بن مسلم عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحديث هُشيم أصحُّ‏.‏

ورواه ابن ماجة عن محمَّد بن يحيى عن سعيد‏.‏

وأمَّا حديث حُجْر‏:‏ فانفرد به التِّرمذيُّ، وحُجْر غير معروفٍ، ولم يرو له التِّرمذيُّ غير هذا الحديث‏.‏

وحُجيَّة بن عَدِيٍّ الكنديُّ الكوفيُّ أشهر منه، قال أبو حاتم الرَّازيُّ‏:‏ شيخ، لا يحتج بحديثه، شبيه بالمجهول، شبيهٌ بشريح بن النُّعمان الصَّائدي وهبيرة ابن يريم‏.‏

وقال عليُّ بن المدينيِّ‏:‏ لا أعلم روى عن حجيَّة إلا سلمة ابن كهيل، روى عنه أحاديث‏.‏

وقال العجليُّ‏:‏ كوفيٌّ، تابعيٌّ، ثقةٌ‏.‏

وقال ابن القطَّان‏:‏ هو رجلٌ مشهورٌ، وقد روى عنه سلمة بن كهيل وأبو إسحاق والحكم بن عتيبة، رووا عنه عدَّة أحاديث، وهو فيها مستقيمٌ لم يعهد منه خطأٌ ولا اختلاطٌ ولا نكارةٌ‏.‏

وأمَّا الحكم بن جَحْل فهو‏:‏ الأزديُّ، البصريُّ، وثَّقه ابن معين في رواية إسحاق بن منصور عنه، ولا نعلم أحدًا تكلَّم فيه‏.‏

وأمَّا الحجَّاج بن دينار فهو‏:‏ الأشجعيُّ، الواسطيُّ، وثَّقه ابن المبارك وأبو خيثمة زهير بن حربٍ ويعقوب بن شيبة والعجليُّ والتِّرمذيُّ وغرهم، وقال أبو زرعة‏:‏ صالحٌ، صدوقٌ، مستقيم الحديث، لا بأس به‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ يكتب حديثه، ولا يحتجُّ به‏.‏

وقد سُئل الحافظ أبو الحسن الدَّارَقُطْنِيُّ في كتاب ‏"‏ العلل ‏"‏ عن حديث حُجيَّه بن عَدِيٍّ عن عليٍّ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تعجَّل صدقة العبَّاس، فقال‏:‏ هو حديثٌ يرويه الحكم بن عتيبة، واختلف عنه‏:‏ فرواه الحجَّاج بن دينار، واختلف عن حجَّاج‏:‏ فقال إسماعيل بن زكريا‏:‏ عنه عن الحكم عن حُجَيَّة بن عَدِيٍّ عن عليٍّ‏.‏

وقال إسرائيل‏:‏ عن الحجَّاج بن دينار عن الحكم عن حُجْر العدويِّ عن عليٍّ‏.‏

وقال محمَّد بن عبيد الله العرزميُّ‏:‏ عن الحكم عن مِقْسم عن ابن عبَّاس‏.‏

وكلُّهم وهم‏.‏

والصَّواب ما رواه منصور عن الحكم عن الحسن بن مسلم بن ينَّاق مرسلاً عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وقال الحسن بن عمارة عن الحكم عن موسى بن طلحة عن أبيه أنَّ النَّبيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تعجَّل صدقة العبَّاس‏.‏

وقال الشَّافعيُّ‏:‏ يروى عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا أدري أثبت أم لا‏؟‏- أنَّ النَّبيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسلَّف صدقة مال العبَّاس قبل تحلَّ O‏.‏

فصلٌ ‏(‏341‏)‏‏:‏ فإنَّ عجَّل زكاة عامين جاز‏.‏

وعنه‏:‏ لا يجوز، وهو قول زفر‏.‏

وعن الشافعيَّة كالرِّوايتين‏.‏

لنا حديثان ضعفيان‏:‏ 1650- الحديث االأوَّل‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا أحمد بن محمَّد بن سعيد ثنا محمَّد بن عبيد بن عتبة ثنا وليد بن حمَّاد ثنا الحسن بن زياد عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن موسى بن طلحة عن طلحة أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إنَّا كنَّا احتجنا إلى مالٍ، فتعجَّلنا من العبَّاس صدقة ماله لسنتين‏"‏‏.‏

1651- الحديث الثَّاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا محمَّد بن أحمد بن عمرو بن عبد الخالق ثنا إبراهيم بن محمَّد بن نائلة الأصبهانيُّ ثنا محمَّد بن المغيرة ثنا النُّعمان بن عبد السَّلام عن محمَّد بن عبيد الله عن الحكم عن مِقْسم عن ابن عبَّاس قال‏:‏ بعث رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمر ساعيًا، قال‏:‏ فأتى العبَّاس يطلب صدقةَ ماله، فأغلظ له، فخرج إلى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره، فقأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إنَّ العبَّاس قد سلفنا زكاة ماله العامَ، والعامَ المقبل‏"‏‏.‏

قال المؤلِّف‏:‏ في الحديث الأوَّل‏:‏ الحسن بن زياد، قال أحمد بن حنبل‏:‏ هو كذوبٌ، ليس بشيءٍ‏.‏

وقال مرَّةً‏:‏ كذَّابٌ خبيثٌ‏.‏

وقال أبو حاتم الرَّازيُّ، ليس بثقةٍ، ولا مأمون‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ضعيفٌ، متروكٌ‏.‏

وفيه الحسن بن عمارة، قال شعبة‏:‏ هو كذَّابٌ، يحدِّث بأحاديث قد وضعها‏.‏

وقال أحمد ويجيى والرَّازيُّ والنَّسائيُّ‏:‏ هو متروكٌ‏.‏

وفي الحديث الثَّاني‏:‏ محمَّد بن عبيد الله العرزميُّ، قال أحمد‏:‏ ترك النَّاس حديثه‏.‏

وقال يحيى وأبو زرعة‏:‏ لا يكتب حديثه‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ كان رديء الحفظ، وذهبت كتبه، فجعل يحدِّث من حفظه، فيهم، فكثرت المناكير في روايته‏.‏

وقد رواه مندل، فقال‏:‏ عن عبيد الله عن الحكم، وإنَّما أراد ‏(‏محمَّد بن عبيد الله‏)‏، ومندل ضعيفٌ أيضًا‏.‏

ز‏:‏ 1652- روى البيهقيُّ من حديث الأعمش عن عمرو بن مرَّة عن أبي البختريِّ عن عليٍّ- فذكر قصَّة في بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمر رضي الله عنه ساعيًا، ومَنْع العبَّاس صدقته، وأنَّه ذكر للنَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما صنع العبَّاس- فقال‏:‏ ‏"‏أما علمت يا عمر، أنَّ عمَّ الرَّجل صنو أبيه‏؟‏‏!‏ إنَّا كنَّا احتجنا فاستسلفنا العبَّاس صدقة عامين‏"‏‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ وفي هذا إرسالٌ بين أبي البختريِّ وعليٍّ رضي الله عنه‏.‏

قال‏:‏ وقد ورد هذا المعنى في حديث أبي هريرة من وجهٍ ثابتٍ عنه‏.‏

ثُمَّ ذكر الحديث المشهور الَّذي فيه‏:‏ ‏"‏وأمَّا العبَّاس فهي عليّ ومثلها‏"‏، وذكر اختلاف ألفاظه O‏.‏

مسألة ‏(‏342‏)‏‏:‏ يجوز صرف الزَّكاة إلى صنفٍ واحدٍ‏.‏

وقال الشَّافعيُّ‏:‏ لا يجوز‏.‏

حديث معاذ‏:‏ ‏"‏أعلمهم أنَّ الله افترض عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم، وتردُّ في فقرائهم‏"‏‏.‏

وقد سبق بإسناده‏.‏

ز‏:‏ حديث معاذٍ‏:‏ متَّفقٌ على صحَّته وثبوته، وهو دالٌ على جواز صرفها إلى صنفٍ واحدٍ، فإنَّه أخبر أنَّه مأمورٌ برد جملتها في الفقراء، وهم صنفٌ واحدٌ، ولم يذكر سواهم، وممَّا يدلُّ على جواز صرفها إلى صنفٍ واحدٍ‏:‏ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتاه بعد ذلك ‏[‏مال‏]‏، فجعله في صنفٍ واحدٍ سوى صنف الفقراء، وهم المؤلَّفة قلوبهم- الأقرع بن حابسٍ، وعيينة بن حصن، وعلقمة ابن عُلاثة وزيد الخيل-، قسم فيهم الذَّهبة الَّتي بعث بها إليه عليٌّ من اليمن، وإنَّما تؤخذ من أهل اليمن الصَّدقة، ثُمَّ أتاه مالٌ آخر فجعله في صنفٍ آخر، كقوله لقبيصة بن المخارق حين تحمَّل حمالةً فأتى النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسأله، فقال‏:‏ ‏"‏أقم يا قبيصة حتَّى تأتينا الصَّدقة، فنأمر لك بها‏"‏‏.‏

وفي حديث سلمة بن صخر البياضيِّ أنَّه أمر له بصدقة قومه، ولو وجب صرفها إلى جميع الأصناف لم يجز دفعها إلى واحدٍ‏.‏

وقد احتجَّ الشَّافعيُّ ومن وافقه بأنَّ الله تعالى جعل الصَّدقة لجميع الأصناف، وشرَّك بينهم فيها، فلا يجوز الاقتصار على بعضهم كأهل الخُمْس‏.‏

وأجيب عن ذلك بأنَّ المراد بالآية بيان الأصناف الَّذين يجوز الدَّفع إليهم دون غيرهم، وكذلك المراد بآية الغنيمة بيان المصرف- على الصَّحيح- كما قد عرف في موضعه، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏343‏)‏‏:‏ لا يجوز نقل الزَّكاة إلى بلد تقصر فيه الصَّلاة‏.‏

وعنه‏:‏ يجوز، كقول أبي حنيفة ومالك‏.‏

وعن الشَّافعيِّ كالمذهبين‏.‏

لنا‏:‏ قوله‏:‏ ‏"‏تؤخذ من أغنيائهم، وتردُّ على فقرائهم‏"‏‏.‏

ز‏:‏ 1653- قال سعيد‏:‏ ثنا سفيان عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال‏:‏ في كتاب معاذ بن جبل‏:‏ من أخرج من مخلافٍ إلى مخلافٍ، فإنَّ صدقته وعُشره يردُّ إلى مخلافه O‏.‏

مسألة ‏(‏344‏)‏‏:‏ يجوز للمرأة دفع زكاتها إلى زوجها‏.‏

وعنه‏:‏ لا يجوز، كقول أبي حنيفة‏.‏

1654- قال الإمام أحمد بن حنبل‏:‏ ثنا محمَّد بن جعفر ثنأ شعبة عن سليمان عن أبي وائلٍ عن عمرو بن الحارث عن زينب- امرأة عبد الله- أنَّها قالت‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏تصدَّقنَّ ولو من حليِّكنَّ‏"‏‏.‏

قالت‏:‏ وكان عبد الله خفيف ذات اليد، فقالت له‏:‏ أيسعني أن أضع صدقتي فيك، وفي بني أخٍ لي يتامى‏؟‏ فقال عبد الله‏:‏ سَلِي عن ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

قالت‏:‏ فأتيت رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا على بابه امرأةٌ من الأنصار- يقال لها‏:‏ زينب- تسأل عما أسأل عنه، فخرج إلينا بلال، فقلنا‏:‏ انطلق إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسَلْه عن ذلك، ولا تخبره من نحن‏.‏

فانطلق إلى رسول الله- لجبرو، فقال‏:‏ ‏"‏من هما‏؟‏ ‏"‏ فقال‏:‏ زينب امرأة عبد الله، وزينب الأنصاريَّة‏.‏

فقال‏:‏ ‏"‏نعا، لهما أجران‏:‏ أجر القرابة، وأجر الصدقة‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

وفي لفظٍ‏:‏ ‏(‏أتجزى عنِّي‏؟‏‏)‏ وإنَّما يستعمل لفظ ‏(‏الإجزاء‏)‏ في الواجب‏.‏

مسألة ‏(‏345‏)‏‏:‏ لا يجوز دفع الزَّكاة إلى موالي بني هاشم، خلافًا لأكثرهم‏.‏

1655- قال الإمام أحمد بن حنبل‏:‏ حدَّثنا يحيى عن شعبة ثنا الحكم بن عتيبة عن ابن أبي رافع عن أبي رافع أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث رجلاً من بني مخزوم على الصَّدقة، فقال لأبي رافع‏:‏ ألا تصحبني تصب منها‏؟‏ قال‏:‏ قلت‏:‏ حتَّى أذكر ذلك لرسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

فذكرت ذلك له، فقال‏:‏ ‏"‏إنَّا آل محمَّد لا تحلُّ لنا الصَّدقة، وإنَّ موالي القوم من أنفسهم‏"‏‏.‏

قال التِّرمذيُّ‏:‏ هذا حديثٌ صحيحٌ‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود عن محمَّد بن كثيرٍ عن شعبة‏.‏

ورواه التِّرمذيُّ عن ابن مثنَّى عن غندر عن شعبة، وقال‏:‏ حسنٌ صحيحٌ، وهو عبيد الله بن رافع كاتب عليٍّ‏.‏

ورواه النِّسائيُُّ عن عمرو بن عليٍّ عن يحيى عن شعبة‏.‏

وعن محمَّد بن حاتم عن حِبَّان بن موسى عن عبد الله بن المبارك عن حمزة الزَّيَّات عن الحكم بن عتيبة عن بعض أصحابه أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث أرقم بن أبي أرقم على الصَّدقة، فقال لأبي رافع‏:‏ هل لك أن تتبعني‏.‏

فذكره‏.‏

ورواه ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عبَّاس O‏.‏